ثوره يوليو 1958
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
ثورة 14 يوليو/تموز 1958 وتعرف ايضا بحركة او إنقلاب 14 يوليو / تموز 1958 , أطاحت حركة 14 يوليو/ تموز 1958 بالحكم الملكي في العراق حيث كان الملك فيصل الثاني ملكا على العراق وقد اختلف المؤرخون في تقييم نظام الحكم الملكي كما اختافوا بتسميتة الحركة ما بين الانقلاب والثورة , ولابد من وقفة قصيرة لنتثبت من ماهية حركة 14 يوليو/ تموز 1958 فهل هي ثورة ام انقلاب ؟ هنالك تعريفين ومفهومين معجميين للثورة , فالتعريف التقليدي القديم الذي وضع مع انطلاق الشرارة الاولى للثورة الفرنسية وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة . وقد طور الماركسيون هذا المفهوم بتعريفهم للنخب والطلائع المثقفة بطبقة قيادات العمال التي اسماها بديكتاتورية البروليتاريا. اما التعريف او الفهم المعاصر والاكثر حداثةً هو التغيير الذي يحدثه الشعب من خلال ادواته "كالقوات المسلحة" او من خلال شخصيات تاريخية لتحقيق طموحاته لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية . اما الانقلاب العسكري فهو تحرك ثلة من الجيش بقيادة احد الضباط للاستيلاء على السلطة لتحقيق طموحات واطماع ذاتية بغية الاستفادة المادية من كرسي الحكم.
تداخلت مجموعة من العوامل الداخلية و الإقليمية والاستراتيجية , والتي لعبت دورا في تهيئة الضروف المؤاتية للإطاحة بالحكم الملكي , اكثرها اهمية تكمن في ان الحكم الملكي كان يحمل بين جنباته النقيضين النزعة الوطنية من جهة وممالاة النفوذ البريطاني والمستعمر السابق ذو اليد الطولى في العراق والمنطقة من جهة ثانية . ويتجاذب هاذين النقيضين استناداً لاهواء هذا الملك او ذاك أو انتماءات وبرامج هذه الوزارة او تلك.
فهرست |
[تحرير] المملكة العراقية الاولى والمملكة العراقية الثانية
مرت المملكة العراقية بضروف موضوعية قاهرة منذ تأسيسها جراء النشأة الفتية للدولة والقوى الدولية الطامحة للسيطرة على مقدراتها والهيمنة على سياساتها وعلى رأسها بريطانيا . اما على الصعيد الداخلي فيكن ان نطلع من خلال مراسلات عبد الوهاب النعيمي عضو المجلس التأسيسي , على الصراع السياسي المترتب على التناقض الفكري بين مراكز القوى المنشطرة الى تيارين مختلفين في التوجهات والتي تمثل اللاعب الرئيس في المسرح السياسي فهنالك طبقة النخبة الوطنية التي لعبت دوراً في تأسيس الدولة العراقية من السياسيين والضباط المنتمين للجمعيات السرية التي كانت تنادي بأستقلال العراق عن الدولة العثمانية كون ارتباطه مع الولايات العربية الاخرى اكثر من ارتباطاً مع الدولة التركية كما عمل هذا التيار على استقلال العراق عن السياسة البريطانية وهيمنتها على مصالحه الاقتصادية والمعارضين لها من اعضاء المجلس التأسيسي ورئيسه عبد الرحمن النقيب الذي اصبح اول رئيس وزراء للعراق فيما عرف بالحكومة الانتقالية , ومن زعماء هذا التيار تحت تاييد الملك فيصل الاول والملك غازي الثاني عبد الرحمن النقيب وعبد المحسن السعدون ورشيد عالي الكيلاني وياسين الهاشمي وطه الهاشمي وغيرهم . اماالتيار الاخر فيتمثل بمجموعه اخرى من السياسيين والضباط الذين يرون بضرورة ارتباط العراق ببريطانية وشجعوا على هيمنتها على اقتصاده وسياسته والمتأثرين بالمندوب السامي البريطانب بيرسي كوكس وممثلة المصالح البريطانية في العراقية مس بيل والتي لعبت دوراً كبيراً في رسم السياسة العراقية من خلال ولاياتها بغداد والموصل والبصرة قبل الاستقلال عام 1921 وتتويج الملك فيصل الاول على عرش العراق , ومن زعماء هذا التيار الذي لاقى تاييد من الوصي على العرش الامير عبد الاله هم نوري السعيد و صالح جبر وناجي شوكت وغيرهم.
وعلى هذا الاساس يمكن تقسيم فترة حكم النظام الملكي الى حقبتين متعارضتين في التوجهات السياسة والعقائدية والبنى الاستراتيجية:
- الحقبة الاولى- او المملكة العراقية الاولى
تمثلت الحقبة الاولى- او المملكة العراقية الاولى بزعامة الملكين فيصل الاول وغازي الاول بكونها فترة تأسيس الدولة العراقية وبناها التحتية وتميزت بالنزعة الوطنية والطموح لبناء دولة تستظيف عاصمة الخلافة بعد سقوطها في تركيا متنافسة مع الاسرة العلوية في مصر والاسرة السعودية في الحجاز ومن اهداف هذه الدولة اعادة الوحدة مع الولايات العربية المنحلة عن الدولة العثمانية والتي تشكلت منها دولا حديثة ناقصة الاستقلال وقد عرف الملك فيصل الاول برجاحة عقلة ودبلوماسيتة وابتعاده عن المواقف الحادة في سياسته الداخلية والخارجية خصوصا مع الانجليز الا ان توجهات الملك غازي الاول 1933 – 1939 الوطنية والاكثر صرامة ومن ثم وزارة رشيد عالي الكيلاني باشا 1941 المناهضة للمد البريطاني كان لها الأثر والصدى لدى الشارع العراقي الذي أصيب بإحباط كبير عند دخول الجيش البريطاني وإسقاط الحكومة بغية تنفيذ استراتيجيات الحرب العالمية الثانية في العراق والمنطقة .
- الحقبة الثانية – او المملكة العراقية الثانية
أما الحقبة الثانية – او المملكة العراقية الثانية فتتمثل في مرحلة ما بعد خروج القوات البريطانية استهلت بتشكيل نوري السعيد باشا لوزارته وهو المعروف بحنكته وشكيمته وبوطنيته وحبه للعراق وولائه لحكومة " صاحب الجلالة " البريطاني , عاقدا العزم على تأسيس حلف يظم الوصي على العرش سمو الأمير عبد الإله الهاشمي وبعض مراكز القوى من الوزراء والشخصيات التي تمثل الطوائف والأعراق المختلفة.
تسلسلت الوزارات التي غلب عليها طابع الصراعات وممالاة القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية وتنفيذ مصالحها . كما اتسمت حركة بناء البلد بوتيرة منخفضة عما كانت عليه في " الحقبة الاولى- او المملكة العراقية الاولى " . كما انعكست هذه السياسات والصراعات على المواقف العربية التي كانت تلعب دورا كبيرا في السياسة المحلية للأقطار العربية بسبب نشأتها الحديثة التي تأتت من انسلاخ هذه الأقطار عن وطن عربي واحد كان تحت الحكم العثماني على شكل ولايات وإمارات مرتبطة بالدولة المركزية في الأستانة ( اسطنبول). فبدأ الحكم الملكي يتخذ مواقف هدفها تنفيذ المصالح البريطانية في المنطقة على حساب مصالح بعض الدول العربية كعدم الجدية بالوقوف ضد تأسيس "اسرائيل " على ارض فلسطين وخسارة الحرب في 1948 , ثم تشكيل حلف السنتو والوقوف ضد مصر في العدوان الثلاثي عليها وحملة العداء على سوريا والتوتر مع السعودية .
[تحرير] الشروع بحركة 14 تموز 1958
قام نخبة من طلائع الضباط المستنيرين بتشكيل "تنظيم الضباط الوطنيين" الذي اسماه الاعلاميون لاحقا بتنظيم الضباط الاحرار اسوةً بتنظيم الضباط الاحرار في مصر. وقد انضم لهذا التنظيم العقيد عبد السلام عارف الذي طلب انضمام زميله العميد عبد الكريم قاسم الذي تردد التنظيم بضمه للتنظيم باديء الامر لاسباب تتعلق بمزاجيته وتطلعاته الفردية التي كان يعرفه بها زملائه من الضباط. وبسبب تأجيل تنظيم الضباط الوطنيين بالقيام بالحركة لاكثر من مرة اتفق عبد السلام عارف مع عبد الكريم قاسم وبالاتفاق مع بعض الضباط من اعضاء التنظيم وهم الفريق نجيب الربيعي والعميد ناظم الطبقجلي والعميد رفعت الحاج سري والعميد عبد الرحمن عارف والعقيد عبد الوهاب الشواف بالمبادرة للشروع بالتحرك للإطاحة بالحكم الملكي دون الرجوع للتنظيم , مستغلين فرصة قيام الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن وتحرك القطعات العراقية لاسناد الاردن ضد تهديدات اسرائيلية لقيام الاتحاد. وعند مرور القطعات ببغداد بقيادة اللواء احمد حقي الذي تجاوز بغداد مارا بالفلوجة القريبة نجح الضباط بالاطاحة بالنظام الملكي وقد تولى عبد السلام عارف بفاعلية وشجاعة قيادة القطعات الموكلة له منفذا ثلاث عمليات مهمة ادت الى سقوط النظام الملكي ، وكتب رسالته الشهيره لوالده عند الشروع بالحركة طالباً رضاه والدعاء له بتحقيق النصر او الدعاء له ليتقبله الله شهيدا في حالة وفاته , اما العميد عبد الكريم قاسم فكان يدير العمليات من مقره في معسكر المنصورية في محافظة ديالى المتاخمة لبغداد.
وبعد نجاح الثورة تولى العميد عبد الكريم قاسم رئاسةالوزراء والقائد العام للقوات المسلحة اما شريكه في الثورة عبد السلام محمد عارف فقد اصبح الرجل الثاني في الدولة حيث تولى منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية وهو برتبة عقيد اركان حرب. ويعتقد بعض المؤرخون انه ومنذ الأيام الأولى للحركة التي اطاحت بالنظام الملكي بدأ يظهر التناقض الفكري بين عارف وقاسم وعمق ذلك سياسات كل من الطرفين غير المتحفظة تجاه الطرف الأخر أدى إلى تسابق على زعامة الحركة بينهما حيث ما لبث ان حصل الخلاف بين عارف وقاسم بسبب تناقض انتماءات الطرفين وبسبب ما اعتبرة عبد السلام عارف تفرد العميد عبد الكريم قاسم بالحكم وعزل العراق عن محيطه العربي والاسلامي وكذلك بسبب بعض الاحداث المؤسفة في الموصل و كركوك التي كان مسؤولا عنها قاسم والمليشيات الشيوعية الملتفة حوله بسبب حركة العقيد عبد الوهاب الشواف الانقلابية وسلوكيات محكمة الثورة التي استهانت بالمتهمين واسغلت الجركة كذريعة لمحاكمة وتصفية خصوم قاسم من الاحرار والوطنيين مثل رشيد عالي الكيلاني باشا والعميد ناظم الطبقجلي وغيرهم . ادى هذا الخلاف الحاد الى اعفاء عبد السلام عارف من مناصبه عام 1959، وابعد بتعينه سفيراً للعراق في المانيا الغربية ، وبعدها لفقت له تهمة محاولة قلب نظام الحكم ، فحكم عليه بالاعدام ثم خفف الى السجن المؤبد ثم بالاقامه الجبرية لعدم كفاية الادلة مما ادى الى انتصار رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم في الجولة الاولى ضد خصمه العنيد بابعاده عن مسرح السياسة قابعاً تارةً في السجن ينتظر يوم اعدامه , ورازحاً تحت الاقامة الجبرية في منزله تارةً اخرى .
[تحرير] منجزات ثورة 1958
كان لحركة او ثورة 58 عميق الاثر على واقع العراق الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتنموي كما كان لها الاثر الهام في منطقتها العربية واهم منجزاتها الخروج من حلف السنتو وتبني منهج تقدمي مناصر لحركات التحرر العربية والاجنبية , وقامت الثورة بحملة من الاعمار والبناء .
عند قيام الثورة اشترك قادتها على قدم المساواة لبنائها ولكن بعد اختلاف قادتها وبروز العميد عبد الكريم قاسم كقائد اوحد في ادارة دفة سفينة الحكم خبا اشعاع الثورة وبريقها الاول وخصوصا بعد ساسلة اخطاء ارتكبها غير محسوبة العواقب .بدلت الثورة معالم العراق بشكل جذري وغيرته من نظام قبلي إلى نظام معاصر ، وقضت على نفوذ الاقطاع وجرت إصلاحات جذرية مثل سن قانون الاصلاح الزراعي رغم معارضة بعض الشرائح لاسلوب تنفيذه والذي نقل الفلاح من العبودية إلى التملك والقيام بحملات كبيرة جدا في قطاع التعليم، وبناء المدن الصغيرة داخل المدن الكبيرة .
وكما لكل حركة إيجابيات ، فإن لها أيضا سلبيات . منها فسح المجال في للشيوعيين بالسيطرة على الحياة العامة ومركز القرار .والطريقة التي تم بها القضاء على العائلة الملكية حيث لم يكن مخططا لها أن تكون دموية وجرت بشكل عفوي.
تعرض رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم لإنتقادات عديدة من رفاقه في تنظيم الضباط الوطنيين ومن خصومه، فمارس الفردية والدكتاتورية بامتياز وكان يتباهى بذلك من خلال مقابلاته ووسائل اعلامه التي نعتته "بالزعيم الاوحد" وتصريحاته التي كان يكرر فيها عن اسلوبه في الحكم "بانني اعتبر العراق وحدة عسكرية والشعب هم جنودها" ومحاولة إبعاد خصومه وتصفيتهم وحملات الاعدام والتنكيل بالمعارضين وإبعاد العراق عن محيطه العربي.
وبصرف النظر عن وجهة نظر المعجبين به ومحبيه فان التحليل المنصف والمحايد يشير ان الحركة عامل ايجابي في حياة العراق السياسية وان صناع الحركة ومن اسهم فيها كان لهم الفضل بجني ثمارها وهي الانجازات المميزة لتلبية طموحات الشعب.
ومن قادة الحركة المؤثرين وحسب ادوارهم في القيام بالحركة: العقيد عبد السلام عارف العميد عبد الكريم قاسم العميد ناظم الطبقجلي العميد ناجي طالب العقيد رفعت الحاج سري العقيد عبد الوهاب الشواف العقيد الطيار عارف عبد الرزاق العميد عبد الرحمن عارف الفريق نجيب الربيعي المقدم صالح مهدي عماش
لمزيد من المعلومات يرجى مراجعة مقال: عبد الكريم قاسم ومقال عبد السلام عارف ومقال ثورة 8 شباط 1963 ومقال ناظم الطبقجلي ومقال تنظيم الضباط الوطنيين
[تحرير] مراجع
د.جلال النعيمي :حكام العراق . المقدمة ص 3
في الذكرى 47 لثورة 14 تموز 1958. ابن شقيقة الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم . المجلة.
دراسة في حركة الضباط الأحرار في العراق 1948-1958 . د. عقيل الناصري . ميدل ايست اونلاين .
مذكرات وأسرار هروب نوري السعيد . د. صالح البصام. دار الانتشار العربي في بيروت 2005 .
" تشريع قانون للأحوال الشخصية يوم استبد بالحكم طاغية تلاعب بشريعة الله سبحانه " . مذكرة العلماء الشيعة إلى عبد السلام عارف . المركز الوثائقي لتراث أهل البيت ع 2/2/1964 .
صفحات مطوية من تاريخ العراق السياسي . كاظم السعدي. البينة صحيفة تصدر عن حزب الله في العراق .
كرونولوجيا ثورة أيلول الكردية 1961-1975. صلاح برواري .موقع نوروز 12/10/2004 .
الأحزاب السياسية في العراق السرية والعلنية . د. هادي حسن عليوي . دار رياض الريس للنشر/ بيروت .
الجيش والدولة في العراق. سامح رشيد القبج.
من هو عبد الكريم قاسم . ريــاض الحسيني .
عارف عبد الرزاق برنامج شاهد على العصر. قناة الجزيرة الفضائية.
رئيس الاركان اللواء فؤاد عارف. برنامج ذاكرة. قناة الشرقية الفضائية.
صفحات من تاريخ العراق مع كمال مظهر. برنامج ذاكرة. قناة الشرقية الفضائية.
د.عدنان الباجه جي . برنامج ذاكرة. قناة الشرقية الفضائية.
تايه عبد الكريم. برنامج ذاكرة. قناة الشرقية الفضائية.
عبد الكريم هاني. برنامج ذاكرة. قناة الشرقية الفضائية.
حتى لا ننسى ثورة 8 شباط المباركة. د. فاضل بدران.
قيام الجمهوريةالعراقية - لعبة الأمم .
تاريخ العراق . ويكيبيديا .
مذكرات الزعيم ناظم الطبقجلي.
مذكرات حازم جواد.