معاداة السامية
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
اللاسامية النشأة، المعنى، الرؤية تعد اللاسامية ابتداعاً تسعى الصهيونية إلى تكريسه في إطار مشروعها التوسعي العالمي، وكانت تظهر هذه الكلمة بين الحين والآخر في شكل تهمة تلقيها الصهيونية على كل من يعارض خططها وامتداداتها السرطانية الاستعمارية في المنطقة العربية، والنفوذية في الغرب. ورغم ما تسعى إسرائيل إلى تحقيقه عن طريق هذه الكلمة إلا أن لفظة اللاسامية تبقى كلمة دخيلة على معجم الأنساب ولفظة مضببة اخترعها عالم اللاهوت الألماني النمساوي شلوتربر ومع هذا فإن الكثير من الصهاينة العالميين لم يكونوا يهوداً، ةبالتالي فهم حتى بالاعتبار اليهودي الكاذب للكلمة ليسوا ساميين، ثم إن الكثير من اليهود ليسوا يهوداً أصلاً، ومن ذلك يهود الخزر. وكما أن الهولوكوست أصبح تجارة فإن السامية ذاتها أصبحت تجارة صهيونية تبنى على معطيات عنصرية حاربتها الأديان والاتفاقيات الدولية، ما يجعل التبني اليهودي للكلمة يدخل في إطار المعتقدات التلمودية القائمة على عقدة الأفضلية «شعب الله المختار». ومع اعتبار لفظة السامية بالملة ولا أصل لها، فإن ذلك يقتضي أن تكون لفظة السامية بناء على باطل، وما بني على باطل فهو باطل. لكن الحاخامات اليهود بدأوا يأخذوا أبعادهم في نصوص التوراة التلمود، وتجلت على يد العديد من اليهود العنصريين أمثال (لودفيغ فون غومبلونيز) والذي أقرّ في كتابه «العنصرية والدولة» الصادر عام 1875 بوجود فوارق عرقية طبيعية في المجتمعات البشرية. كما أن الدعوى اليهودية إلى فكرة التفوق العنصري لاقت استحساناً مقبولاً لدى الفيلسوف الألماني «نيتشة» الذي قيم اليهود تقييماً عالمياً في أبحاثه عن الإنسان الخارق.
وقبل القرن الثامن عشر الميلادي لم تذكر المصادر التاريخية العالمية كلمة الساميين، فاللغات اليونانية واللاتينية والفارسية والهندية والصينية لا تذكر كلمة سام وحام أو يافث في جميع فروع آدابها. هذا يعني أن العرب واليهود ينضوون تحت اسم واحد محدث وهو «السامية»، غير أن الذي حدث أن اليهود أرادوا الاستئثار بهذه الاسم فتسموا «بالساميين» وعدوا العرب والمسلمين أعداء للسامية أي أن الكلمة أخذت معنى جديداً عند اليهود هو غير المعنى الذي أشار إليه شلوتزر».
إن اليهود لا يحاربون اللاسامية بل هم يعملون على معاداة السامية. ولعل فهم هذه الإشكالية هو الذي يوفر الكثير لفهم منطلقات مآرب عدونا. وهناك من أقطاب الحركة الصهيونية من ليس سامياً أي من ليس يهودياً. «فريتشارد مايزتزهاجن» وهو أحد الضباط السياسيين للجنرال اللينبي يعترف بأن صهيونيته تقوم على غريزته اللاسامية التي حورتها وأثرت فيها الاتصالات الشخصية. وكان يقول أيضاً: «إنني مشرب بعواطف لاسامية، وأتمنى لو تنفصل الصهيونية عن القومية اليهودية ولكنها لا تستطيع ذلك، إنني أفضل قبولها على حالها على أن أرفضها لأسباب غير جوهرية». وقال: «إن آرائي عن الصهيونية هي آراء صهيوني متحمس والأسباب التي أثارت في نفسي إعجاباً بالصهيونية كثيرة ومتنوعة، ولكنها متأثرة بشكل رئيس بوضع اليهود غير المرضي في العالم، والميل العاطفي الكبير لإعادة إيجاد جنس بعد تشرد دام ألفي عام، والقناعة بأن الأدمغة والأموال اليهودية إذا ما ساندتها فكرة قوية كالصهيونية تستطيع أن تقدم الحافز نحو التنمية الصناعية التي تحتاج إليها فلسطين بشكل ملح بعد أن بقيت أرضاً براحاً منذ بداية العام».
وبدلاً أيضاً من أن يهاجم هرتزل «اللاسامية» ويشجبها أعلن أن «اللاساميين» سيكونون أكثر الأصدقاء الموثوقين، وستكون الدول اللاسامية حليفة لنا.
كما أن الباحث الصهيوني جاكوب كلاتزكن يبدي احتفاء كبيراً باللاسامية باعتبارها حليفاً للإسرائيليين وحين يتطرق غارودي في «إسرائيل بين الهوية والصهيونية» لقضية الصهيونية الدينية والسياسية ويبرز أفكار كاتب صهيوني متعصب مثل «مارتن بوبر» يقول عنه: إنه يكشف عن الجذر العميق لهذا التحوير في الصهيونية السياسية الناشئة ليس عن الديانة اليهودية بل عن النزعة القومية الأوروبية للقرن التاسع عشر، فالصهيونية بهذا المعنى تدخل في إطار الفلسفة الأوروبية العنصرية الاستعمارية غير أن الذي حدث أن الصهاينة استطاعوا إيجاد امتزاج بين الأدبيات اليهودية القائمة على العودة وفكرة الميعاد والشعب المختار من جهة، وبين النزعة الاستعمارية من جهة ثانية وبذلك تحولت فلسطين من مستعمرة إسرائيلية تماماً كما كانت دول عربية أخرى كثيرة مستعمرة من طرف بريطانيا وفرنسا وإسبانيا إلى حق شرعي ديني.
إن حركة اليهود ونقمتهم واستنكاراتهم ليست موجهة ضد اللاساميين «غير اليهود»، إذ لو كان الأمر كذلك كان الساميون محل رضا منهم، غير أن الصورة ليست بهذا اللون، والبركان اليهودي لا يتفجر سوى على من يعصف بمعاداة السامية حتى وإن كان سامياً. إن بلفور هو أحد الصهاينة اللاساميين وقد أعطى مثالاً بارزاً جعل الإسرائيليين يطمئنون إلى أن اللاسامية ليست بالضرورة معاداة للسامية.. ولم تكن لاسامية بلفور أبداً مدعاة للدخول في دائرة الغضب الإسرائيلي إلا بعد عام 1905 عندما أصبح من أولويات بلفور إقرار قانون يحد من الهجرة من أوروبا الشرقية. عندها تعرض بلفور لهجوم في المؤتمر الصهيوني السابع بسبب اللاسامية المكشوفة في سياسته المعادية للهجرة اليهودية. واتهمه المندوب الإنكليزي للمؤتمر م.شايرد «باللاسامية» الصريحة ضد الشعب اليهودي. إن بلفور كان طوال سنوات لا سامياً يعمل لتحقيق الحلم اليهودي «وطن إسرائيل» وكانت لا سامية صداقة غير أنها تحولت فجأة بعد موقف لم يعجب اليهود إلى سامية معادية وضد.
إلا أن ردود الأفعال ضد التفكير العنصري التوراتي التلمودي الحاخامي تجلى واضحاً عند الفيلسوف (أويغين دوينغ) فقد حاول هذا الرجل أن يشرح فكرة اللاسامية العنصرية فلسفياً وفيزيولوجياً وحضارياً في كتابه الصادر عام 1881 بعنوان «المسألة اليهودية مشكلة عرقية وأخلاقية وحضارية» فهو يرى أن اليهودي هو من أحط المخلوقات في الكون. وهو غير مبدع وسارق ويحصد جهد الشعوب الأخرى، ويعتدي على منجزاتهم الحضارية ويتنكر لكل ما قدم له من أفضال ويقترح عزل اليهود عن المجتمع وعدم مساواتهم بمواطني الدول التي يعيشون في كنفها. فهذا الرأي باليهود أدى إلى وصف دوينغ بأنه عدو السامية وسمي المفكرون الذين ساروا على خطاه أمثال المفكر الألماني «هوستون ستيوارت شامبران» بأنهم أعداء للسامية. هذا وقد أصبح تعبير معاداة السامية مجرد صناعة. وهذا يذكرنا بكتاب «صناعة الهولوكوست» لنورمان فنكلشتاين، والذي اتهم فيه اليهود باستعمال الهولوكوست لتبرير السياسة الإجرامية التي تتبناها إسرائيل في ابتزاز الأموال من أوروبا باسم عائلات الضحايا. وقد اتهم فنكلشتاين رغم أنه يهودي ووالده ممن نجوا من غيتو وارسو «عاصمة بولندا» باللاموضوعية والجشع. وهنا يجدر القول إن كلمة «الهولوكوست» تعد ركيزة من ركائز الفكر الصهيوني وكان هم الزعماء الصهاينة ينصب حول إيجاد كيفية لترحيل يهود الشتات إلى فلسطين. ويقول «إسرائيل شاحاك» في كتابه «الديانة اليهودية وموقفها من غير اليهود»: ينبغي الإقرار في البداية أن التلمود والأدب التلمودي يحتوي على مقاطع معادية جداً ووصايا موجهة أساساً ضد المسيحية. إضافة إلى الاتهامات الجنسية البذيئة ضد يسوع، ينص التلمود أن عقوبة يسوع في الجحيم هي إغراقه في غائط يغلي وهي عبارة لا تجعل التلمود مقبولاً من المسيحيين المؤمنين ـ كما أُمر بإحراق أي نسخة من الإنجيل علانية إذا أمكن على أيدي اليهود، تقع بين أيديهم، في الثالث والعشرين من آذار عام 1980 أحرقت مئات النسخ من الإنجيل علانية وبصورة احتفالية في القدس تحت رعاية (يادلعاخيم) وهي منظمة دينية يهودية تتلقى المعونات المالية من وزارة الشؤون الدينية الإسرائيلية.
ـ إن الشعب الفلسطيني يتعرض اليوم لمحرقة فعلية لكننا غير قادرين على شرح الهولوكوست الذي يتعرض له الفلسطينيون يومياً وعلى مرأى من العالم أجمع، وعبر الفضائيات وذلك لكي نخرج بها عدونا من أرضنا ونضغط بها عليه ونقايضه وندينه، لذلك سيبقى القليلون الذين يتحركون منا، إما إرهابيون أو معادون للسامية.
ـ إن ادعاء اليهود للسامية ادعاء لا تقف وراءه حجة علمية ولا دليل محترم وهو يدل على مأزق الانتماء الذي يتخبط فيه هؤلاء، كالشخص الذي يدّعي النبوة لشخص ميت منقطع مهما كان خسيساً، فإنه لن يقبل التنازل عنه بعد ذلك مهما كان.. لأن خساسة الأب أخف من فجور الأم.