عبد الله بن سبأ
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
عبدالله بن سبأ ، شخصية وجودها محل خلاف، تروي كتب التاريخ أنه مشعل الاضطرابات و الاحتجاجات ضد الخليفة الثالث عثمان بن عفان و أحد الغلاة بحب (بل يقولون أنه أصل هذه الفكرة) علي بن أبي طالب .
نسب إليه أنه من أشعل الثورة على عثمان بن عفان و كان السبب في معركة الجمل بعد ذلك. و ينسب لابن سبأ أنه أول من غالى في علي و أضفى عليه صفات غير بشرية مما اضطر علي بن أبي طالب و أئمة الشيعة من بعده إلى التبرؤ منه . مؤخرا يحاول بعض المؤرخين أن يجعل ابن سبأ أصل التشيع المغالي و أصل الفتنة الإسلامية الأولى (فتنة مقتل عثمان) و يرجعونها لأصوله اليهودية مما يجعل تشتت شمل المسلمين جزءا من مؤامرة يهودية كبرى , لكن بالمقابل يشكك العديد من المؤرخين الشيعة بوجود ابن سبأ أساسا , و بعيدا عن النقاش الدائر حول وجود هذه الشخصية يناقش البعض إمكانية أن يكون لشخص مفرد هذا التأثير الكبير على مجرى تاريخ أمة بكاملها , فمثل هذه الأزمات في رأيهم تكون نتيجة عوامل كثيرة سياسية و اقتصادية و اجتماعية قد يكون ابن سبأ بتأثيره العقائدي أحدها لكنه لا يستطيع ان يختصرها جميعا .
فهرست |
حياته
اختلف أصحاب المقالات والتاريخ في هوية عبد الله بن سبأ، بسبب السرية التي كان يحيط بها دعوته. وعامة المؤرخين أن ابن سبأ من صنعاء في اليمن، لكن الخلاف إن كان من حِميَر أم من همدان؟ ولأنه من أم حبشية فكثيراً ما يطلق عليه "ابن السوداء".
أصله يهودي، ثم ادعى الإسلام زمن عثمان بن عفان، و أخذ يتنقل في بلاد المسلمين يريد ضلالتهم. فبدأ بالحجاز ثم البصرة سنة ( 33هـ ) ثم الكوفة ثم بالشام، فلم يقدر على شيء فيها. فأتى مصر سنة ( 34هـ ) واستقر بها، و وضع لهم عقيدتي الوصية و الرجعة، فقبلوها منه و كوّن له في مصر أنصاراً. واستمر في مراسلة أتباعه في الكوفة والبصرة. وفي النهاية نجح في تجميع جميع الساخطين على عثمان فتجمعوا في المدينة وقاموا بقتل عثمان رضي الله عنه.
لعب عبد الله بن سبأ دوراً هاماً في بدئ معركة الجمل، وإفشال المفاوضات بين علي بن أبي طالب وبين طلحة والزبير. كما أنه أول من أظهر الغلو في التشيع، وادعى الألوهية لعلي. فقام بإحراق بعض أتباعه، ثم قام بنفي ابن سبأ إلى المدائن. وبعد استشهاد علي، رفض ابن سبأ الاعتراف بذلك، وادعى غيبته بعد وفاته. و يسمى أتباعه بالسبئية.
موقف السنة
يهودي ادعى الإسلام وظهر في عهد عثمان بن عفان. وكان السبب الرئيسي في الفتنة وفي إحداث سوء الفهم والخلاف بين المسلمين بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان. كما أنه أول من دعا للغلو في علي بن أبي طالب.
موقف الشيعة
وقد ذكر في بعض الكتب أنه لو أحتمل وجوده كما في روايات المذاهب الأخرى فإن فرقته تنسب قطعا إلى الغلو، و لا يعدوا ما ثبت من روايات في كتب الشيعية أنه كان معاصرا لعلي بن أبي طالب وكان واحد من مجموعة من الغلاة الذين إدعوا فيه الألوهية فأحرقهم الإمام علي بالنار و إنتهى أمره ولم يثبت له دور أكثر من ذلك.
المثبتون لشخصية ابن سبأ من أهل السنة
- أعشى همدان ( ت 84هـ )
- الحسن بن محمد بن الحنفية (ت95هـ )
- الشعبي ( ت 103هـ )
- الفرزدق ( ت 116هـ )
- قتادة ( ت 117هـ )
- ابن سعد ( ت 230هـ )
- ابن حبيب البغدادي ( ت 245هـ )
- أبو عاصم ( ت 253هـ )
- الجوزجاني ( ت 259هـ )
- ابن قتيبة ( 276هـ )
- البلاذري ( ت 279هـ )
وهؤلاء إما إثبتوا وجود ابن سبأ وإما تكلموا عن فرقته كفرقة دينية. وكلهم قبل الطبري، أما بعده فأكثر مما يحصر أو يُعَد.
المثبتون لشخصية ابن سبأ من الشيعة
- لوط بن يحيى ( ت 157هـ )
- الأصفهاني ( ت 283هـ )
- الناشئ الأكبر ( ت 293هـ ) إذ يقول في "مسائل الإمامة": و فرقة زعموا أن علياً رضي الله عنه حي لم يمت ، و أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ، و هؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ ، و كان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل صنعاء يهودياً .. و سكن المدائن.
- القمي ( ت 301هـ ) يقول في كتابه "المقالات و الفرق": أن عبد الله بن سبأ أول من أظهر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة ، و تبرأ منهم ، وادّعى أن علياً أمره بذلك . و ( أن السبئية قالوا للذي نعاه ( أي علي بن أبي طالب ) : كذبت ياعدو الله لو جئتنا والله بدماغه خربة فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدقناك ولعلمنا أن لم يمت ولم يقتل وإن لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض ثم مضوا)
- النوبختي ( ت 310هـ ) يقول في كتابه "فرق الشيعة" : عبد الله بن سبأ كان ممن أظهر الطعن على أبى بكر، وعمر، وعثمان ، والصحابة ، وتبرأ منهم ، وقال إن عليا عليه السلام أمره بذلك ، فأخذه علي ، فسأله عن قوله هذا ، فأقر به ، فأمر بقتله فصاح الناس إليه ، يا أمير المؤمنين ! ! أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم ، أهل البيت ، وإلى ولايتكم ، والبراءة من أعدائكم ، فسيره إلى المدائن وقال: ولما بلغ عبد الله بن سبأ نعي علي بالمدائن ، قال للذي نعاه : كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة ، وأقمت على قتله سبعين عدلا، لعلمنا أنه لم يمت ، ولم يقتل ، ولا يموت حتى يملك الأرض
- وذكر مثل هذا مؤرخ شيعي في "روضة الصفا": " أن عبد الله بن سبأ توجه إلى مصر حينما علم أن مخالفيه (عثمان بن عفان ) كثيرون هناك ، فتظاهر بالعلم والتقوى، حتى افتتن الناس به ، وبعد رسوخه فيهم بدأ يروج مذهبه ومسلكه ، ومنه ، إن لكل نبي وصيا وخليفته ، فوصيُّ رسول الله وخليفته ليس إلا عليا المتحلي بالعلم ، والفتوى، والمتزين بالكرم ، والشجاعة ، والمتصف بالأمانة ، والتقي ، وقال : إن الأمة ظلمت عليا، وغصبت حقه ، حق الخلافة، والولاية، ويلزم الآن على الجميع مناصرته ومعاضدته ، وخلع طاعة عثمان وبيعته ، فتأثر كثير من المصريين بأقواله وآرائه ، وخرجوا على الخليفة عثمان ".
- أبو حاتم الرازي ( ت 322هـ ) يقول في كتابه "الزينة في الكلمات الإسلامية": أن عبد الله بن سبأ و من قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً هو الإله ، و أنه يحيي الموتى ، وادعوا غيبته بعد موته .
- روى الكشي ( ت 340هـ ) في "الرجال" أقوالاً عن الباقر والصادق وزين العابدين تلعن فيها عبد الله بن سبأ. و لا يجوز و لا يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجهول. ويروي الكشي كذلك بسنده إلى أبي جعفر ( أن عبدالله بن سبأ كان يدعي النبوة وزعم أن أمير المؤمنين هو الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا فبلغ ذلك أمير المؤمنين فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال : نعم أنت هو وقد كان ألقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي فقال له أمير المؤمنين : ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار والصواب أنه نفاه بالمدائن)
- ويذكر الكشي والمامقاني ( ت 1323هـ ): أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ، ووالى عليا عليه السلام ، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصى موسى بالغلو، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي مثل ذلك ، وكان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي ، وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه ، وكفرهم
- الصدوق بن بابويه القمي ( ت 381هـ )
- الشيخ المفيد ( ت 413هـ )
- أبو جعفر الطوسي ( ت 460هـ )
- ابن شهر آشوب ( ت 588هـ )
- ابن أبي الحديد ( ت 655هـ )
- الحسن بن علي الحلّي ( ت 726هـ )
- ابن المرتضى ( ت 840هـ )
- الأردبيلي ( ت 1100هـ )
- المجلسي ( ت 1110هـ )
- نعمة الله الجزائري ( ت 1112هـ ) يقول في كتابه الأنوار النعمانية ( 2\234) : قال عبد الله بن سبأ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الإله حقاً فنفاه علي عليه السلام إلى المدائن و قيل إنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون و في موسى مثل ما قال في علي .
- طاهر العاملي ( ت 1138هـ )
- محمد حسين المظفري ( ت 1369هـ )
النافون لشخصية ابن سبأ من أهل السنة
- طه حسين وهو أول من أنكر شخصية ابن سبأ.
- علي سامي النشار
- حامد حنفي داود
- محمد كامل حسين
- عبد العزيز الهلابي
ومن المترددين في إثباته: جواد علي ومحمد عمارة.
النافون لشخصية ابن سبأ من الشيعة
هناك إنكار شبه جماعي لمفكري الشيعة المعاصرين لشخصية ابن سبأ.
المثبتون لشخصية ابن سبأ من المستشرقين
يوليوس فلهاوزن، فان فلوتن، كايتاني، ليفي ديلافيدا، إسرائيل فريد لندر، جولد تسيهر en:Ignaz Goldziher، رينولد نكلسون en:Reynold Nicholson، داويت رونلدسن، برنارد لويس en:Bernard Lewis.
حجة النافون
قال الطبري : (( كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء أمه سوداء فأسلم أيام عثمان ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول إضلالهم فبدأ ببلاد الحجاز ثم البصرة ثم الشام )). أما أبي زهرة وفي كتابه تاريخ المذاهب الإسلامية قال : (( عبد الله بن سبأ كان يهوديا من أهل الحيرة ، أظهر الإسلام )). فهو في هذه الروايات تارة من أهل الحيرة وأخرى من أهل صنعاء ، وهو عند ابن حزم والشهرستاني وغيرهما ابن السوداء ، بينما يذهب ابن طاهر البغدادي في الفرق بين الفرق والأسفرايني في كتابه التبصير في الدين أن ابن السوداء شخص آخر ليس عبد الله بن سبأ .
الإختلاف في وقت ظهوره فالطبري وجماعة يصرحون بأنه ظهر أيام عثمان بينما يذهب جماعة آخرون إلى أنه ظهر أيام علي أو بعد موته ومن هؤلاء سعد بن عبد الله الأشعري في كتابه المقالات وابن طاهر في الفرق بين الفرق وغيرهما كثير
وقد استعرض الدكتور طه حسين الصورة التي رسمت لابن سبأ وانتهى إلى أن ابن سبأ شخصية وهمية خلقها خصوم الشيعة ودعم رأيه بالأمور التالية :
أولا : إن كل المؤرخين الثقاة لم يشيروا إلى قصة عبد الله بن سبأ ولم يذكروا عنها شيئا .
ثانيا : إن المصدر الوحيد عنه هو سيف بن عمر وهو رجل معلوم الكذب ، ومقطوع بأنه وضاع .
ثالثا : إن الأمور التي أسندت إلى عبد الله بن سبأ تستلزم معجزات خارقة لفرد عادي كما تستلزم أن يكون المسلمون الذين خدعهم عبد الله بن سبأ وسخرهم لمآربه وهم ينفذون أهدافه بدون اعتراض : في منتهى البلاهة والسخف .
حجة المثبتون
- لم ينفرد الطبري وحده بروايات سيف، بل هناك روايات لسيف تتحدث عن ابن سبأ لا توجد عند الطبري.
- سيف بن عمر ليس هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ، بل هناك روايات كثيرة تذكر ابن سبأ ولا ينتهي سندها إلى سيف بن عمر. انظر تاريخ دمشق لابن عساكر (29|7-10).
- سيف بن عمر ضعيف في رواية الحديث، لكنه عمدة في التاريخ. وهناك فرق بين شروط رواية الحديث وبين شروط رواية الأخبار الأخرى.
- جاءت عدة روايات مقبولة حتى على شروط رواية الحديث. فمثلاً قال ابن عساكر في تاريخ دمشق أخبرنا أبو محمد بن طاوس وأبو يعلى حمزة بن الحسن بن المفرج ، قالا: أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، نا أبو محمـد بن أبي نصر ، أنا خيثمة بن سليمان ، نا أحمد بن زهير بن حرب ، نا عمرو بن مرزوق أنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل عن زيد قال: "قال علي بن أبي طالب : مالي ولهذا الحميت الأسود؟ يعني عبد الله ابن سبأ، وكان يقع في أبي بكر وعمر". وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات. وقال ابن حجر قال الحافظ في لسان الميزان: قال أبو إسحاق الفزاري (يعني في كتابه السيرة) عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن زيد بن وهب: أن سويد بن غفلة دخل على علي في غمارته فقال: إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر يرون أنك تضمر لهما مثل ذلك منهم عبد الله بن سبأ، وكان عبد الله أول من أظهر ذلك. فقال علي: ما لي ولهذا الخبيث الأسود؟ ثم قال: معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل. ثم أرسل إلى عبد الله بن سبأ، فسيره إلى المدائن وقال: "لا يساكنني في بلدة أبداً". ثم نهض إلى المنبر حتى اجتمع الناس، فذكر القصة في ثنائه عليهما بطوله وفي آخره: "ألا ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفتري". ورجاله ثقات.
- عبد الله بن سبأ لم يكن يعمل وحده، بل كان زعيماً لفرقة سرية تسمى بالسبئية، استمرت بعده بهذا الاسم لفترة طويلة. فمثلاً قال يزيد بن زريع: رأيت الكلبي يضرب يده على صدره ويقول: "أنا سبئي، أنا سبئي".
المصادر
- "رجال الكشي " (ص 70 - 101 ط مؤسسة الأعلمي بكربلاء العراق).
- "تنقيح المقال في أحوال الرجال " للمامقاني ، (ص 184 ج 2 ط طهران ).
- "فرق الشيعة" للنوبختي (ص 43 و44 ط المطبعة الحيدرية بالنجف ، العراق ، سنة 1379ه - 1959م).
- "روضة الصفا" في اللغة الفارسية (ص 292 ج 2 ط إيران) .
- "مسائل الإمامة" ( ص 22-23 ) للناشئ الأكبر.
- "المقالات و الفرق" ( ص 20 طهران 1963 م تحقيق الدكتور محمد جواد مشكور فيروي ) للقمي.
- " فرق الشيعة " ( ص 23 ) للنوبختي.
- الزينة في الكلمات الإسلامية ( ص 305 ) لأبي حاتم الرازي.
- من لا يحضره الفقه ( 1|213) للقمي.
- شرح عقائد الصدور ( ص 257) للمفيد.
- تهذيب الأحكام ( 2|322) للطوسي.
- مناقب آل أبي طالب (1\227-228 ) لابن شهر .
- شرح نهج البلاغة ( 2|99) لابن أبي الحديد.
- رجال الحلي (2|71).
- تاج العروس لابن المرتضى ( ص 5 ، 6 ).
- جامع الرواة (1\485) للأردبيلي.
- الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (25|286-287 ) للمجلسي.
- الأنوار النعمانية ( 2\234) للجزائري.
- مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص 62 ) للعاملي.
- تاريخ الشيعة ( ص 10 ) للمظفري.