المحارب الثالث عشر
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الفيلم مغامرات تاريخية مبني على رواية مايكل كريتشتون Michael Crichton أكلة الموتى Eaters of the Dead، وهي الرواية المبنية على رحلة بن فضلان أساساً. قام أنتونيو بانديراس Antonio Banderas بدور بن فضلان.
فيلم "المحارب 13" صاحبته دعاية كبيرة باعتباره - وفق ما كتب النقاد العرب أنفسهم - أول فيلم تقدمه هوليود منذ زمن ويظهر فيه العربي كشخص شهم ونبيل، ليس همجيًا ولا إرهابيًا! الفيلم مأخوذ عن قصة "آكلو لحوم الموتى" لـ "ما يكل كريتون" وهو نفسه الذي كتب سيناريو الفيلم، ومن يقرأ القصة الأصلية ربما يجد صدى يمكن مناقشته لفكرة العرب ودورهم في نشر الحضارة، حيث يحكى المؤلف قصة "أحمد بن فضلان بن رشيد" وصاحبه "الشيخ يوسف" ورحلتهما من الجنوب حتى بلاد الشمال، ونشرهما لقيم حضارية وسلوكية لم يكن يسمع عنها أهل الشمال (الفايكنج) نظرًا لهمجيتهم وتوحشهم، حتى أن من بينهم يظهر "آكلو لحوم الموتى".
وعندما تحولت القصة إلى فيلم "المحارب 13"، أصابها ما يصيب الكثير من أفلام هوليود عندما تترك صفحة الأد ب وتقفز إلى الشاشة "التجارية"، فتفقد عمق فكرتها لصالح عناصر التوزيع والبيع، حدث هذا مع أعمال أدبية متميزة مثل "خفة الكائن التي لا تحتمل" للروائي التشيكي ميلان كونديرا، و"عشيق الليدي تشاتلي" للأديب الإنجليزي دي .إتش. لورانس، وغيرهما من الأعمال التي تحولت على شاشات هوليود إلى مادة ثرية للعنف والجنس بدلاً من البحث عن عمق الفكرة أو حتى متعة الفرجة الجميلة الخالية من الأذى!
يحمل الفيلم كمّا من العنف ومشاهد القتل والدماء وتقطيع الجثث واللحم الآدمي والرؤوس المتطايرة، كانت سببًا في هجوم حاد على الفيلم من نقاد وجمهور هوليود، مما استدعى إعادة عملية المونتاج مرة أخرى للتقليل من كل هذه الدماء، وامتصاص غضب الجمهور، ومع ذلك لم ينتبه كثير من مادحي الفيلم العرب لهذا العنف، واكتفوا أن "سادة" هوليود تفضلوا علينا أخيرًا وقرروا إنصافنا، رغم أن شخصية "أحمد بن فضلان" في الفيلم التي جسدها "أنطونيو بانديراس" تحمل عددًا من القيم السلبية، لم تكن "لا إله إلا الله محمد رسول الله" التي رددها وكتبها على رمال الشاطئ كافية للتغاضي عنها، فهو يذهب مع رفيقه الشيخ يوسف (عمر الشريف) كسفير لبلده العربي بعد أن أبعده الخليفة إلى هذه البلد المتوحشة في الشمال، بعد أن اكتشف وزير الخليفة أن "ابن فضلان" يحب زوجته!! عندما يصل "ابن فضلان" إلى الشمال يقابله "بولفاي" ابن الملك الذي مات للتو ويحتفلون بموته في حفل همجي تسيل فيه الدماء مع كئوس الخمر على السواء، وفي الصباح يقبل "ابن فضلان" - ينطقها بانديراس "فهلان" طبعًا- أن يكون هو رقم 13 في فرقة المحاربين التي تخرج لمقاتلة "الوندول" آكلي لحوم الموتى، ووفقًا لتقاليد هذه البلاد يجب أن تكون الفرقة من 12 محاربًا ويضاف إليهم أحد الغرباء، ولأن "ابن فضلان" هو القادم الغريب فينضم إليهم.. هكذا دون أن يعرف ما الموضوع!!
عند هذه النقطة يتحول "أحمد بن فضلان" من سفير عربي مسلم إلى "جيمس بوند"، لكن هذه المرة - بفضل الكاتب كريتون- يرتدي العمامة، فهو يتقمص نفس النموذج الذي جرى ترويجه حول العالم لشخصية "جيمس بوند" على مدى أكثر من أربعين عامًا في سلسلة أفلام تقدم نموذجًا للشباب يستطيع أن يفعل أي شيء دون خوف ودون رقيب أيضا! فابن فضلان هنا يمارس فنون الفروسية ويطير من فوق الرؤوس والجسور، ويتعلم لغة الشمال في جلسة واحدة بمجرد مراقبة حركة الشفاه! وبالطبع هو الوحيد محط أنظار النساء، حتى أنه وهو العربي المسلم -الذي يجري التأكيد مرارًا وتكرارًا على هذا البعد في شخصيته- كلما قدم له أحدهم شيئًا ليشربه يسأل هل هذا خمر؟ - تحريًا للحلال يعني - إلا أنه لا يمانع في الزنا مع أول امرأة تدعوه، وهو الوحيد الذي فعل هذا في حين أن الشماليين متفرغون للقتال، وهذا بالطبع لتكتمل صورة جيمس بوند أو صورة استعراض الرجل الواحد one man show، بكل قيمها السلبية الخطيرة!
رغم أن منتج الفيلم يؤكد أنه تكلف 100 مليون دولار، إلا أن الحصيلة على الشاشة كانت أقل من ذلك بكثير، فالصورة في معظم المشاهد ضعيفة دون عمق، ويغلب على الفيلم اللقطات المتوسطة، حتى أن مخرج الفيلم نفسه "جون ماكرنان" اتهم شركة الإنتاج والكاتب بتشويه الفيلم بإعادة مونتاجه، وحذف اللقطات الطويلة واللقطات المقربة، التي تسمح للمتفرج بقدر من التأمل والتفاعل الحسي والفكري مع الفيلم، والإبقاء على اللقطات المتوسطة التي تبقى المتفرج في حالة حياد.. يتلقى دون أن يتفاعل أو يفكر!.
العنف والوحشية مع ضعف المستوى الفني للفيلم والتركيز على شخصية العربي المسلم وسط الهمج الشماليين، ومع ذلك الجميع أخيار يقاتلون الشر وينتصرون عليه، يستوي في ذلك الهمج الذين يحلمون بالموت للقاء الأهل في أرض "الفلاهالا" حيث يعيش الجميع سعداء! أو المسلم الذي لا يعرف لماذا يدخل هذه المعركة لكنه يصلي لله قبلها طالبًا الصمود.. الجميع يحملون الخير وإن ارتدوا قناعًا قبيحًا، ويمارسون منكرًا لكنهم - وفق رؤية الكاتب - أطهار..، هي نفسها فكرة الجمال القبيح، أو القبح الجميل، التي انتشرت في السينما والأدب، لتجعل كل الأمور نسبية، وكل عدو ربما يحمل خيرًا، فلا داعي إذن للحرب وليسود العالم السلام! ولا داعي للهجوم على المنكر ما دام في باطنه معروف كامن..! وليشرب العرب الكأس كاملة، ما داموا يصدقون؛ وينسون: "فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"