أولاد حارتنا

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تكبير

أولاد حارتنا هي رواية للأديب النوبلي الكبير نجيب محفوظ، و تُعد من أشهر رواياته و أقواها لأسباب عديدة وقد تم التنويه بها عند منحه جائزة نوبل. وقد منع نشرها في مصر حتى الآن.

ان أولاد حارتنا اول رواية كتبها نجيب محفوظ بعد ثورة يوليو اذ انتهى من كتابة الثلاثية عام 1952 وبعد حصول ثورة يوليو رأى ان التغيير الذي كان يسعى اليه من خلال كتاباته قد تحقق فقرر ان يتوقف عن الكتابة الادبية وعمل كاتب سيناريو فكتب عدة نصوص للسينما. لكن بعد انقطاع دام 5 سنوات قرر العودة للكتابة الروائية بعد ان رأى ان الثورة انحرفت عن مسارها فكتب اولاد حارتنا التي انتهج فيها اسلوبا رمزيا يختلف عن اسلوبه الواقعي وقد قال عن ذلك في حوار :".. فهى لم تناقش مشكلة اجتماعية واضحة كما اعتدت فى اعمالى قبلها.. بل هى اقرب الى النظرة الكونية الانسانية العامة." ولكن لا تخلو هذه الرواية من خلفية اجتماعية فرغم انها تستوحي من قصص الانبياء الا ان هدفها ليس سرد حياة الانبياء في قالب روائي بل الاستفادة من قصصهم لتصوير توق المجتمع الانساني للقيم التي سعى الانبياء لتحقيقها كالعدل والحق والسعادة وتلك هي فالرواية نقد مبطن لبعض ممارسات الثورة وتذكيرا لقادتها بغاية الثورة الاساسية وقد عبر محفوظ عن ذلك بقوله:"فقصة الأنبياء هي الإطار الفني ولكن القصد هو نقد الثورة والنظام الإجتماعى الذي كان قائما."

[تحرير] الجدل حول الرواية

سببت رواية أولاد حارتنا أزمة كبيرة منذ أن ابتدأ نشرها مسلسلة في صفحات جريدة الأهرام حيث هاجمها شيوخ الجامع الأزهر وطالبوا بوقف نشرها، لكن محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الاهرام حينئذ ساند نجيب محفوظ ورفض وقف نشرها فتم نشر الرواية كاملة على صفحات الاهرام ولكن لم يتم نشرها كتابا في مصر، فرغم عدم اصدار قرار رسمي بمنع نشرها الا انه وبسبب الضجة التي احدثتها تم الاتفاق بين محفوظ وحسن صبري الخولي -الممثل الشخصي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر- بعدم نشر الرواية في مصر إلا بعد أخذ موافقة الأزهر. فطُبعت الرواية في لبنان من اصدار دار الاداب عام 1962 ومنع دخولها الى مصر رغم ان نسخا مهربة منها وجدت طريقها الى الاسواق المصرية.

كُفر نجيب محفوظ بسبب هذه الرواية، و اتهم بالإلحاد و الزندقة، و أُخرج عن الملة، و قُرءت الرواية بتشنج كما فسر النقاد و الشيوخ رموزها وفق قواميسهم و مفرداتهم. حتى ان الشيخ عمر عبدالرحمن قال: - بعد نشر رواية سلمان رشدي "آيات شيطانية" - "أما من ناحية الحكم الإسلامي فسلمان رشدي الكاتب الهندي صاحب آيات شيطانية ومثله نجيب محفوظ مؤلف أولاد حارتنا مرتدان وكل مرتد وكل من يتكلم عن الإسلام بسوء فلابد أن يقتل ولو كنا قتلنا نجيب محفوظ ما كان قد ظهر سلمان رشدي" ويعتقد البعض ان لهذا التصريح علاقة مباشرة مع محاولة اغتيال محفوظ اذ حاول شاب اغتياله بسكين في أكتوبر تشرين الاول عام 1994 وقال "انهم" قالوا له ان هذا الرجل (محفوظ) مرتد عن الاسلام.

تمت عدة محاولات لنشر الرواية فبعد فوزه بجائزة نوبل أعلنت صحيفة المساء الحكومية القاهرية اعادة نشر الرواية مسلسلة وبعد نشرت الحلقة الاولى اعترض محفوظ عليه فتم ايقاف النشر. كما كانت محاولة اخرى بعد محاولة اغتياله عام 1994 وحصول حالة من التعاطف الإنساني معه والمناخ السياسي الذي سمح بنشر الرواية المحرمة تحدياً للتيار الأصولي.. وبالفعل بدأت "حرب تجارية" لنشر "أولاد حارتنا" بين صحف حكومية "أخبار اليوم" و"المساء" وأخرى يسارية"الأهالي" لكن نجيب محفوظ عارض النشر واعلن انه لن يوافق على نشرها الا بعد حصوله على موافقة الازهر. وقد صدرت أولاد حارتنا كاملة بعد أيام من الحادث في عدد خاص من "الاهالي" يوم الاحد 30 أكتوبر/تشرين الاول 1994 وأعلن أنه نفد بالكامل. وعقب نشر الرواية في الاهالي أصدر كتاب وفنانون بيانا طالبوا فيه بعدم نشر الرواية في مصر بدعوى حماية حقوق المؤلف الذي نجا قبل أيام من الذبح. في حين وصف كتاب أخرون ذلك البيان بأنه "محزن".

تجدد الجدل حول "أولاد حارتنا" نهاية 2005، حيث أعلنت مؤسسة دار الهلال عن نشر الرواية في سلسلة "روايات الهلال" الشهرية ونشرت الصحف غلافا للرواية التي قالت دار الهلال انها قيد الطبع حتى لو لم يوافق محفوظ بحجة أن الابداع بمرور الوقت يصبح ملكا للشعب لا لصاحبه. وحالت قضية حقوق الملكية الفكرية التي حصلت عليها دار الشروق دون ذلك. وأعلنت دار الشروق مطلع 2006 أنها ستنشر الرواية بمقدمة للكاتب الإسلامي أحمد كمال أبو المجد. ونشرت مقدمة أبو المجد التي أطلق عليها "شهادة" في بعض الصحف لكن الرواية نفسها لم تصدر إلى الآن.

[تحرير] تحليل الرواية

الرواية واقعية رمزية، تدور في أحد أحياء القاهرة كما هي معظم روايات نجيب محفوظ كـ الحرافيش و زقاق المدق و غيرها، و تبدأ بحكاية عزبة الجبلاوي الخاصة التي يملأها أولاده. تندلع حبكة السرد منذ ولادة أدهم ابن السمراء و تفضيل الجبلاوي له على بقية أبنائه، و تمرد ابنه إدريس الأمر الذي أدى إلى طرده من عزبة الجبلاوي لتبدأ رحلة معاناته.

ينجح إدريس في التسبب بطرد أدهم من العزبة، و تمضي رحلة الإنسان و الشيطان في الخلق كما روتها الكتب السماوية، فيقتل ابن أدهم ابنه الآخر، و يتيه أبناؤه في الحارة، فتنشأ فيها أحياء ثلاثة، و يظهر منها أبطال ثلاثة يرمزون إلى أنبياء الديانات التوحيدية الثلاث، كما يظهر في عصور الحارة المحدثة شخص رابع هو العلم الذي سيقضي على الجبلاوي.

أخذ الكثيرون من الشيوخ و من غيرهم على الرواية تجرؤها على تمثيل الخالق بالجبلاوي، و إعادتها تمثيل أسطورة الأديان السماوية من جديد في واقع آخر، ثم نحوها منحى متمرداً بالزعم أن العلم قادر على أن ينزع من الناس فكرة الله.

لكن محفوظ يخالف الكثيرين هذه الفكرة، فبعد أعماله المغرقة في الواقعية، (ربما) أراد أن ينظر بتسامح إلى الديانات الأخرى، و إلى قصة الخلق، و أراد التأمل في حال البشر منذ الخليقة، و آمالهم و تطلعاتهم إلى عزبة الجبلاوي، و سعيهم الممض نحو الوصول إليها بشتى الطرق.

لم يكن من المستغرب اتهام اولاد حارتنا بالكفر. لكن، انطلاقا من احترامه للمشاعر الدينية رفض محفوظ تفنيد فتوي الأزهر، المؤسسة الإسلاميةالعليا في البلاد التي منعت الكتاب، إذ اعتبر محفوظ أنه من غير الحكمة الدخول في صراع مع الأزهر حول مسألة ثانوية نسبيا، بينما قد سيحتاج إلى دعمه في وجه ما سمٌاه الشكل القروسطي الآخر للإسلام، أي الحركة الاصولية الناشئة.

ويبدو ذالك أن الحل الوسط قد هدٌأ من حدة النزاع مع السلطات الدينية. لكن، مع فوزه بجائزة نوبل عام 1988 زاد الضغط مجددا من أجل نشر الكتاب في مصر. وبعد فترة وجيزة، عندما هبت العاصفة ضد سلمان رشدي، قارنت الصحافة بين أولاد حارتنا وآيات شيطانية، وطُلب من محفوظ إعلان موقفه من موقع الكاتب في المجتمع الاسلامي. فتكلم بصراحة لصالح حرية الكلمة، ودان فتوي الخميني بخصوص رشدي. وردٌ عليه الأصوليون بهجوم مضاد متهمينه بالكفر والردة والماسونية. وأصدر مفتي إحدى الجماعات الاصولية فتوي في حقه اعتبره فيها مرتدا عن الدين، فكل مّن يسيء إلى الإسلام مرتد، وإن لم يتب، فيجب قتله. ولا شك في ان تأييد محفوظ لنوع من التعايش السلمي مع إسرائيل كان محركا جزئيا لذلك التكفير.


تُرجمت الرواية إلى الإنجليزية و الألمانية و بعض لغات أخرى، و قوبلت باحتفاء كبير.

فيما يلي قائمة بأسماء أهم شخصيات و أحداث الرواية و تفاسيرها القياسية بالاعتماد على التفسيرين الديني و النقدي لها:

الشخصية الكناية أو التفسير
الله الخالق عز و جل، و ذلك بسبب صفات الجبلاوي الأزلية، و أخذاً من الجَبْل (بتسكين الباء) أي الخلق.
السماء او العرش
الحارة : العالم او الكون


أدهم آدم، التشابه الواضح بين لفظ الاسمين، و كون أدهم الابن الصغير المفضل للجبلاوي، ولادته من أم سمراء (التراب)، و واقعة طرده من البيت/الجنة.
إدريس إبليس، التشابه بين الاسمين، و فكرة تكبره و كراهيته لأدهم، و خروجه من زمرة الأبناء المفضلين بتمرده على أبيه.
جبل النبي موسى، مأخوذ من حديث القرآن عن حديث الله لموسى على جبل الطور، و من تجلي الله للجبل.
رفاعة المسيح، و من ذلك أن القرآن يذكر أنه لم يمت و لم يُصلب و إنما رُفع إلى السماء/أخذه الجبلاوي إلى بيته.
قاسم محمد، و ذلك من كنية الرسول (أبي القاسم)، و منه أنه جاء في حي كان يدعى حي الجرابيع فأعلى شأن قومه، و كان له أصحاب، و تزوج نساء كثيرات.
صادق أبو بكر الصديق، و ذلك من اسمه و صحبته لقاسم، و خلافته له.
عرفه عرفه من المعرفة أو العلم، و هو العلم في الرواية، فليس جبلياً، أو رفاعياً، أو قاسمياً/ ليس يهودياً، مسيحياً، أو مسلماً. و ينسبه كل فريق إليهم، و هو قاتل الجبلاوي.
الحدث/ المكان رمزه
ولادة أدهم من أم سمراء خلق آدم من الطين.
تمرد إدريس تمرد إبليس على الله و رفضه السجود.
إطلاع أدهم على الحجرة حيث الوصية الأكل من الشجرة المحرمة.
قتل قدري لأخيه قصة قابيل و هابيل.
حديث جبل و الجبلاوي حديث الله و موسى.
موت رفاعة و الاختلاف فيه واقعة تعذيب المسيح و الاختلاف بين المسيحية و الإسلام حول صلبه من عدمه.
تحول رفاق رفاعة إلى حكام بناء القديس بطرس للكنيسة.
خروج قاسم من الحي الهجرة من مكة إلى المدينة .
المعركة الأولى بالنبابيت غزوة بدر.
وراثة صادق لقاسم خلافة أبي بكر للرسول محمد.
جهل نسب عرفة العلم لا جنسية له و لا دين.
موت الجبلاوي موت الإله.
تسمي كل حي من أحياء الحارة باسم الأبرز فيه الإختلاف بين أتباه الديانات التوحيدية الثلاث.
عزبة الجبلاوي الجنة.
الحارة الأرض.

[تحرير] المراجع

  • رجاء النقاش، في حب نجيب محفوظ دار الشروق 1998
لغات أخرى